التعليق علي القرار رقم 22 لسنة 2022
والصادر بتاريخ 5/9/2022
فى شان اصدار لائحة الجزاءات واجراءات التحقيق للعاملين بالهيئة الوطنية للصحافة .
بعد الاطلاع علي ماجاء بتلك اللائحة من مواد تنظيمية للعاملين بالهيئة الوطنية للصحافة فيما يخص الواجبات والمحظورات التي تقع علي عاتقهم واجراءات التحقيق معهم وطرق التظلم من قرارات الجزاء الواقع عليهم نري الآتي :-
- تناقض ماجاء بالمادة رقم ( 2 ) من الفصل الثاني فيما يخص واجبات الموظفين فقرة (2) مع ما جاء بذات المادة فقرة (5) فيما يخص الالتزام بالمواعيد الرسمية للعمل .
- ما جاء بالفقرة الثانية من المادة رقم ( 2 ) من الفصل الثاني والمعنون ب ( واجبات الموظفين ) وذلك فيما يخص المحظورات التي يحظر علي الموظف اتيانها ومن بينها مباشرة أي أنشطة او سلوكيات من شانها تكدير الامن العام او التأثير علي السلم الاجتماعي أو أي فعل يفقده حسن السمعة وطيب السيرة اللازمين لشغل الوظائف العامة او الاستمرار ف شغلها ، والحقيقة ان الحديث عن الانشطة والسلوكيات التي من شانها تكدير الامن العام والسلم الاجتماعي طول الوقت دون بيان ماهية تلك الأنشطة او السلوكيات تحديدا دون اطلاقها علي أعنتها هكذا لهو أمر فى غاية الخطورة – اذ ان اطلاق تلك التوصيفات مثل – تكدير السلم الاجتماعي – تكدير الامن العام – دون بيان نوعها او الافعال المؤدية لها يعتبر اغفال جسيم للمشرع يفتح الباب امام تلاعب النفس البشرية والمكايدة التي قد تودي بمستقبل أشخاص وسمعتهم مهنيا ومجتمعيا لاغفال المشرع خطورة توصيف تلك الافعال وتحديدها علي سبيل الحصر لا الاطلاق العام كما هو الحال فيما نحن بصدده .
- المادة (34 ) من الباب الثاني –الفصل الثالث والمختص بإحالة الموظف الي المحكمة التأديبية والجنائية والوقف عن العمل بقوة القانون والتي تتحدث عن حرمان الموظف الذي يحبس احتياطيا او تنفيذا لحكم جنائي غير نهائي من نصف أجره وحرمانه من اجره كاملا اذا كان الحبس تنفيذا لحكم جنائي نهائي .
– اغفلت تلك المادة أهم مبادئ العدالة الجنائية وهو مبدأ أن ألاصل فى الانسان البراءة وان المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه.i وهو ما نص عليه الدستور المصري فى المادة ( 96 )منه – فعندما ينص المشرع هنا علي حرمان الموظف او الشخص المحبوس احتياطيا او المحكوم عليه بحكم جنائي غير نهائي من نصف اجره فهو في حقيقة الأمر قد ادانه وأضاع ذويه المستفيدون من أجره ،الذي سوف ينقص بطبيعة الحال وفقا لتلك المادة وذلك دون حكم نهائي وبالمخالفة لنصوص الدستور والقانون والمواثيق والعهود الدولية التي أقرت قرينة البراءة وافترضتها فى الانسان حتي يثبٌت العكس ،بل وزاد المشرع من الطينِ بله بالنص علي حرمانه من أجره كاملا في حالة الحكم بحكم جنائي نهائي ولم يذكر هنا او يفرق بين الحكم النهائي البات والحكم النهائي فرغم ان كلاهما يعتبر حكما قابلا للتنفيذ الفوري الا انهما يختلفان في بعض الفروقات الجوهرية – فالحكم النهائي هو الحكم الذي لا يقبل الطعن عليه بالطرق العادية كالمعارضة والاستئناف ، ولكنه معرض للطعن عليه بالطرق الغير عادية للطعن كالتماس اعادة النظر أو الطعن بالنقض ، اما الحكم البات هو الذي لا يجوز الطعن باي طريق من طرق الطعن المقرره قانونا سواء كانت عادية كالمعارضة والاستئناف او غير العادية كالتماس اعادة النظر او الطعن ويعتبر الحكم في هذه الحالة حكما باتا حائزا لقوة الامر المقضي به ،غير ان هناك بعض احكام المحاكم الخاصة والتي لا تصبح باته الا بعد التصديق عليها من السلطة المختصة مثل الاحكام الصادرة من المحاكم العسكرية أو محاكم أمن الدولة العليا طوارئ ،وهو الامر الجلل الذي أغفله المشرع هنا عند وضعه تلك المادة وهو ما قد يفتأت علي حقوق الموظفين المخاطبين بهذا القانون . - المادة ( 36 ) من الباب الثالث من هذا القرار والتي تتحدث عن التظلم من الجزاء الذي يوقع علي الموظف والتي احال القرار بشأنه الي الادارة المركزية للشئون القانونية للنظر فى التظلم وفحصه وابداء الرأي القانوني فيه ،وعرضه علي السلطة المختصة او السلطة التي وقعت الجزاء علي الموظف لقبوله او رفضه بحسب الأحوال ،ورغم نصها علي مراعاة عدم اشتراك المحقق الذي تولي التحقيق مع الموظف في نظر التظلم وفحصه فى ذات الفقرة من ذات المادة الا ان فكرة ان يتظلم الموظف من قرار الجزاء الموقع عليه قبل الطعن عليه امام القضاء الي السلطة الموقعه ذات الجزاء عليه هو أمر غير منطقي ويعد ترسيخا لمفهوم ازدواجية الخصم والحكم فكيف للموظف ان يتظلم من جزاء موقع عليه امام ذات السلطة التي قامت بمجازاته ؟ كيف له ان يضمن حيادية تلك السلطة فى نظر ذلك التظلم المقدم منه وهي بالأساس قد حكمت عليه بجزاء تأديبي ،والصحيح انه كان ولابد ان يتم النص صراحة علي حق الموظف فى التظلم امام جهة او سلطة أعلي من تلك التي أصدرت القرار المقضي بمجازاة العامل وليس نفس السلطة التي أصدرت القرار .
- أيضا قد تضمنت تلك اللائحة بعض العبارات الغير مفهومة والفضفاضة مثل ضرورة المحافظة علي كرامة الوظيفة وحسن سمعتها،والظهور بالمظهر اللائق بها طبقا للعرف العام وهو ما جاء بنص المادة الثانية من الفصل الثاني تحت عنوان – واجبات الموظفين – من تلك اللائحة ،وهو ما يفتح بالضرورة باب التساؤل عن مفهوم كرامة الوظيفة ! وكيفية المحافظة عليها وعلي حسن سمعتها وماهي الأفعال التي اذا قام بها الموظف تعتبر خدشا لكرامة تلك الوظيفة وسمعتها واضرارا بها يستوجب المساءلة اذا كانت من الواجبات المنوط بالموظفين الحفاظ عليها .
i مادة 96 من الدستور المصري .