عن مدونة التقاليد القضائية لقضاة مجلس الدولة.. تعليق قانوني

حول ما تضمنته المادة 17 من قرار رئيس مجلس الدولة رقم 771 لسنة 2021 والمنشور عام 2022

والخاص باعتماد مدونة التقاليد القضائية لقضاة مجلس الدولة

  • أصدر رئيس مجلس الدولة القرار رقم 771 لسنة 2021 بشأن أعتماد مدونة التقاليد القضائية لأعضاء مجلس الدولة من القضاة , وعلي الرغم من ان هذا القرار قد صدر في عام 2021 إلا أنه أعلن عبر المواقع القانونية والخبرية في منتصف أكتوبر 2022 …وأثارت هذه المدونة غضب العديد من المحامين وخاصة فيما تضمنته المادة 17 من هذه المدونة.

وجاء نص المادة 17 من هذه المدونة علي النحو التالي :-

يجب أن تكون علاقة عضو مجلس الدولة بمن يعمل في مهنة المحاماة علاقة محددة لا تخرج عن الإطار المهني المرتبط بعمله القضائي، وعلى الأخص يحظر عليه الآتي:

  1. استقبال المحامين للزيارة في مقر العمل سواء في المكتب أو في غرفة المداولة، وسواء أكان ذلك بناء على موعد سابق أم حال رؤيته مصادفة في مقر المحكمة.

  2. يحظر استقبال المحامين على انفراد في المكتب أو في غرفة المداولة لتيسير بعض الإجراءات الخاصة بعملهم.

  3. زيارة المحامي في مكتبه أو منزله لمناقشته في أي من الأمور التي تدخل في نطاق العمل القضائي .”

وجهة نظر ورأي الغاضبين والرافضين لهذه المادة :-

أعرب عدد من المحامين عن غضبهم واستياءهم من صدورهذه المادة لأنها تعد مخالفة لقانون المحاماة فيما يتعلق بأن المحاماه مهنه حرة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وفي تأكيد سيادة القانون وفي كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم

ورأي أيضا الغاضبون أن هذه المادة تخالف نص الماده 49 من قانون المحاماة وخاصة فيما يتعلق بحق المحامي في أن يعامل باحترام من المحاكم وسائر الجهات التي يحضر أمامها.

وأضاف بعض المحامين أن المادة 17 من المدونة مخالفة للدستور المصري وبها شبهة عدم الدستوريه , وذلك لأن الاستقلال الكامل للقاضي يعني أنه لا يجوز بإسم أي سلطة سياسية أو إدارية التدخل في أي عمل من أعمال القاضي أو التأثير عليه بأي شكل من الأشكال ولا يجوز التدخل لدي القاضي بشأن قضية معروضة عليه للبت فيها ولا سلطان عليه لغير القانون

ويري أصحاب هذا الرأي أن هذه المادة هي تدخل واضح وصريح في عمل القاضي مما يؤثر بالسلب علي استقلالية القضاء بالاضافه الي أنها تتضمن إهانة للسلطة القضائية بأكملها ولجموع المحامين ومهنة المحاماة.

فإن هذا النص وفقا لرأي الغالبية العظمي من المحامين الرافضين والمستنكرين لهذه المادة أنه قد تم وضعه بسوء نية ونظرة فوقيه وإعتبار المحامي في مستوي أدني من القضاة وأعضاء النيابة بمختلف أنواعها وأعوانهم أيضا ً, وتتضح سوء النية في عبارة (أو حال روئيته مصادفة )

بالاضافه إلي أن هذه المادة تناقض مبدأ البراءه وحسن النيه وتشكك في نزاهة القاضي وهو أمرا غير مقبول ولا جائز , وأن المتبع بشأن القضاء في دول العالم هو أن العلاقه بين القضاة والمحامين هي علاقة سويه لا تشوبها شائبة فكل في مجال عمله يسعي لإعلاء القانون.

ويري أخرون أن النص علي هذه المادة في مدونة التقاليد القضائية يعد سابقه أولي في تاريخ القضاء المصري بشان المحامين شركاء السلطة القضائية في تحقيق العدالة.

وهناك عدد من المحامين قرروا بأنه سيقيمون دعوي قضائيه ضد قرار رئيس مجلس الدولة الحالي الذي أساء في مادته السابعه عشر الي مهنة المحاماه والقضاة أنفسهم.

وهناك راي اخر من المحامين والقضاة يبرر مضمون هذه المادة بأن الغرض منها هو تنظيم عمل قضاة مجلس الدولة داخل المحاكم فقط وليس الغرض منه أية إهانة للمحامين .. بل علي النقيض أن الغرض من النص تخذير القضاة من الوقوع تحت شبهات الفساد والرشوة وما شابه ذلك .

رأينا بشأن المادة 17 من مدونة التقاليد القضائية.

مقولة تاريخية.

يقول المحامي الفرنسي تشي ديراستانج

لا أحد ينكر حرية المحاماة .. إنها حق للمحاماة ويجب أن تبقي من حقوقها إنها ليست مكسباً للمحاماة .. ولا هي ملك لها فإن المحاماةلا تتمتع بها من أجل المحامين , ولكن من أجل الصالح العام وصالح المتقاضين وصالح جميع المتقاضين.

وقال قال نابليون الأول عن المحامين الذي كان يكرهم بشدة:-

أنهم قوم ثوريون , ومادام سيفي بيميني فلن أضع إمضائي علي أي ديكريتو ليعيد إليهم نقابتهم وأود لو أستطيع قطع لسان كل محام يستعمله في الطعن علي الحكومة.”

التعليق علي ما تضمنته المادة 17 من مدونة التقاليد القضائية:-

أن مهنة المحاماه لم تكن علي مر العصور مهنة فقط بل هي رسالة في الدفاع عن الحقوق والحريات ضرب من خلالها المحامون أروع صور الفروسيه والفضيلة.

ولكن للاسف الشديد إن كافه التشريعات التي تتضمن تنظيم مهنة المحاماة والتعامل مع المحامين وعلاقتهم بسائر الجهات القضائية وغيرها نري أنها في بعض النصوص قد تجاهلت واسقطت حقوق المحامين والنصوص التي تنظم حقوق وحريات المحامين تنفذ علي استحياء من حين لأخر وقد لا تنفذ في أغلب الأحيان بالاضافة إلي عدم احترام وتوقير المحامين وتقدير رسالتهم من بعض الجهات القضائية والسبب الأهم من وجهة نظرنا غياب دور النقابة العامة في حماية واحترام مهنة المحاماة واحترام حقوق وكرامة المحامين بعدم التمسك بالحقوق الممنوحة للمحامي في القوانين اثناء وبسبب تأدية عمله وعدم اتباع النقابة السبل والوسائل القانونية للحصول علي تلك الحقوق المنصوص عليها قانونا .. مما نتج عن ذلك تجريد المحاماة تدريجياً من قدسيتها وكرامتها وأمجادها وعظمتها

وبالرغم من إن معظم المحامين قد أدركوا هذه الحقيقة الا أنهم لم يحركوا ساكنا في اي أحداث أو قرارت تمس مهنة المحاماة .. اللهم الا صرخه هنا او رجاء هناك فكان لابد بنا نحن المحامين ان نستخدم كل السبل القانونية وكل الوسائل التي تعيد للمحاماة مجدها واحترامها وتكفل للمحامين الاحترام الكامل وأهم هذه الوسائل القانونية هو السعي الي تنقية تشريعات المحاماة والعمل علي تطبيق وتنفيذ النصوص المعدوم تنفيذها.

ومن هنا جاءت نظرة بعض القضاة وأعضاء النيابة للمحامين ولمهنة المحاماة

فللأسف الشديد ان اغلب أعضاء مجالس القضاء ينظر الي المحامين بنظره فوقية تتسم أحيانا بالتعالي واعتبار المحامين مجرد أعوان بمرفق العدالة مثلهم مثل امناء السر والكتبة وغيرهم

وعلي الرغم من أن الدستور المصري وقانون المحاماة المعدل وقانون السلطه القضائيه أكدوا علي أن المحاماة مهنة حرة تشارك السلطه القضائية في تحقيق العداله وأن المحامين شركاء للقضاة والنيابات المختلفة ولم ولن يكونوا أعوانا لهم فالمحامي هو العين التي يري من خلالها القاضي النزاع مما يجعل دوره محورياً لاحترام حقوق الدفاع كما أن المحامي يسهم بوجوده في استقلال السلطة القضائية وعدالة المحاكمات.

وهديا لما سبق

نري وبحق أن نكون في الجانب الرافض والمستنكر من مضمون نص المادة 17من مدونة التقاليد القضائية التي اصدرها رئيس مجلس الدولة وأنه قد جاءت مخالفة للدستور المصري في مادته 198 وايضا خالفت المادة والمادة 1 , 46 , 52 من قانون المحاماة ومخالفتها للتعليمات العامة للنيابات في المسائل الجنائية وكذلك مخالفتها قانون السلطة القضائية في مادته 131.

حيث نصت الماده 198من الدستور المصري الصادر عام 2014 علي أن

(المحاماة مهنة حرة تشارك السلطه القضائية في تحقيق العدالة وسيادة القانون وكفالة حق الدفاع , ويمارسها المحامي مستقلا وكذلك ……….ويتمتع المحامون جميعا اثناء تأديتهم حق الدفاع أمام المحاكم بالضمانات والحماية التي تقررت لهم في القانون , مع سريانها عليهم أمام جهات التحقيق والاستدلال , ويحظر في غير حالات التلبس القبض علي المحامي او إحتجازه اثناء مباشرته حق الدفاع وذلك كله علي النحو الذي يحدده القانون.)

وتنص الماده رقم 1 من قانون المحاماه علي أن:

(المحاماه مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وسيادة القانون وكفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم , ويمارس المحاماة المحامون وحدهم في استقلال , ولا سلطان عليهم في ذلك الا لضمائرهم واحكام القانون ).

وتضمنت المادة 49 من ذات القانون أن للمحامي الحق في أن يعامل من المحاكم وسائر الجهات التي يحضر أمامها بالاحترام الواجب للمهنة.”

كما ان الماده 52 من قانون المحاماه نصت علي أن

للمحامي حق الاطلاع علي الدعاوي والاوراق القضائية والحصول علي البيانات المتعلقه بالدعاوي التي يباشرها , ويجب علي جميع المحاكم والنيابات ودوائر الشرطة ومأموريات الشهر العقاري وغيرها من الجهات التي يمارس المحامي مهمته أمامها أن تقدم لهم التسهيلات التي يقتضيها القيام بواجبه وتمكينه من الاطلاع علي الاوراق والحصول علي البيانات وحضور التحقيق مع موكله وفقا لاحكام القانون , ولا يجوز رفض طلباته دون مسوغ قانوني , ويجب إثبات جميع ما يدور في الجلسه في محضرها

ونصت المادة 616 من التعليمات القضائية للنيابة العامة في المسائل الجمائية علي أنه يجب علي أعضاء النيابة ان يقدموا للمحامين التسهيلات التي يقتضيها القيام بواجبهم , ولا يجوز رفض طلباتهم بدون مسوغ قانوني

وتنص المادة 600 من ذات التعليمات علي أن المحامون أعوان القضاء , ينهضون برسالتهم إسهاما في تحقيق موجبات القانون , وتيسيرا للعدالة علي المواطنين“. (*)

وتنص المادة 131 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل في 26 / 6 / 2019 :

أعوان القضاة هم الخبراء وأمناء السر والكتبة والمحضرون والمترجمون.

ومن جماع النصوص السابقة نود أن نؤكد علي مخالفة قرار السيد رئيس مجلس الدولة في المادة 17من مدونة التقاليد القضائية لكل النصوص الدستورية والقانونية التي تضمن حماية واحترام واستقلال مهنة المحاماة بالاضافة إلي أنها تسيء لجموع المحامين والسادة القضاة أنفسهم.

فمهنة المحاماة أصبحت في انكسار ملحوظ في الفترات السابقة ويواجه المحامون في معظم الأوقات والمناسبات أثناء قيامهم بأعمالهم القانونيه تعسفا في تنفيذ وتطبيق القانون من قبل بعض الجهات القضائيه وبعض النيابات علي الرغم من وجود النصوص التي تؤكد وتلزم تلك الجهات بضرورة تقديم التسهيلات التي يقتضيها قيام المحامي بواجبه بالاضافة الي عدم اتباع تلك الجهات التعليمات والقاونين واللوائح.

هامش

* نجد نص الماده 600 من التعليمات يخالف صريح الدستور وقانون المحاماه لينص علي ان المحامون اعوان القضاء ! علي الرغم من أن اعوان القضاء وفقا للمادة 1 من قانون السلطه القضائية وكذلك وفقا لنصوص الدستور هم الخبراء وامناء السر والكتبه والمحضرون والمترجمون ولكن المحامون هم شركاء السلطة القضائية .

المراجع :

  1. مقال الاستاذ المحامي عصمت الهواري صفحة 1 – وكيل النقابة في هذه الفترة مجلة المحاماة العدد الأول والثاني – يناير وفبراير السنة الثامنة والستون

  2. مقال بعنوان علي هامش قانون السلطة القضائية للسيد الأستاذ حسين محمد البسومي المحامي صفحة 111 –مجلة المحاماة العدد الخامس والسادس مايو ويونيو لعام 1990.

من مجلة المحاماة العدد الخامس والسادس صفحة 139

يقول الاستاذ مرقص في قضية تأديب لبعض المحامين سنة 1931م وتقتضينا الشجاعة في الرأي أن نقرر ايضا ان عضو النيابه متخرج ايضا من كليه الحقوق ويلتحق بالنيابه وهو قليل التجارب لم يتمرس بحياة المجتمع ولن يلقن دروسا في معامله الناس واذ به وهو في بكوره سن الشباب يشغل وظيفه سلطانها الامر والنهي سلطتها مطلقه الحدود في مصائر الناس احضارا ،وصرفا ،وحبسا ،واطلاقا ، وتبراءه،واتهاما فتمتلاء نفسه غرورا من هذا السلطان يعكس حاله نفسيا تظهر في صوره مؤلمه الي حدا كبير وهي صوره عدم احترام المحامي او المتهامين او الشهود او المجني عليهم مهما كانت اقدارهم في الحال

وحقيقه ان عضو النيابه بعد مرور فتره من الزمن يتغير ويدرك من اقدار الناس ما كان لا يعلم ومن واجبات السلوك ماكان عنه غافلا هذا ما كان مستعدا من ناحيه عقليته وتربيته وبيئته لان يتلقن دروس التجارب اما ان كان لايسعف باثار التربيه الطيبه او الوراثه او البيئه او ليس عنده الاستعداد الخلقي لان يلين ويرق فانه يظل سادرا في غلوائه.

وسوم: