التعليق القانوني علي حكم إعدام قاتل نيرة أشرف

التعليق القانوني :

– جاء هذا الحكم مخالفا لمعايير المحاكمة العادلة حيث تنص المادة 96 من الدستور المصري على أن “المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه”

حيث اتهمت النيابة العامة بتاريخ 20/6/2022 المتهم بقتل محمد عادل بقتل الطالبة نيرة أشرف وتم تحديد جلسة للمحاكمة بتاريخ 26/6/2022 وبهذه الجلسة تم تأجيل القضية لجلسة 28/6/2022 للمرافعة أي في خلال يومين من تاريخ أول جلسة ولم يكترث القاضي في الجلسة المحددة بطلبات الدفاع حيث أن الدفاع قد طلب عرض المتهم على الطب الشرعي للتأكد من سلامة قواه العقلية وأيضا طلب استجواب الشهود وتفريغ هاتف المتهم ؛ فلم يأخذ القاضي بطلبات الدفاع وضرب بها عرض الحائط ولم يمهله المهلة الكافية لتجهيز مرافعته والدفاع عن المتهم وهو ما يعد مخالفة للدستور الذي يكفل المحاكمة العادلة للمتهمين مع العلم أن سرعة التقاضي هو شيء محمود وهو ما نطالب به ونسميه بالعدالة الناجزة ولكن يجب أن تكون سرعة المحاكمة لا تؤثر بالسلب على المتهم وحقه في الدفاع عن نفسه وتحصينه بكافة الضمانات التي تتيح له المحاكمة العادلة

– وقد أخل هذا الحكم أيضا بحق المتهم في الدفاع وذلك بعدم عرضه علي إحدي المصحات النفسية والعصبية لبيان عما إذا كان مصاب وقت تنفيذه للجريمة باضطراب نفسي من عدمه وهو طلب من الطلبات الجوهرية والتي من الممكن أن تؤثر في سير الدعوة ومنطوق الحكم وذلك عملا بنص المادة 62 من القانون رقم 71 لسنة 2009 الخاص برعاية المريض النفسي والتي تنص علي “لا يسأل جنائيا الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أفقده الإدراك او الاختيار ..”

وردت المحكمة على هذا الدفع الجوهري أنه قد استبان لها سلامة حالة المتهم العقلية والنفسية وسلامة إدراكه واختياره قبل ووقت وقوع الجريمة وذلك من خلال سؤاله واستجوابه بتحقيقات النيابة والمحكمة ولم تمهل المحكمة الدفاع الحاضر تنفيذ طلبه بإحالة المتهم للطب الشرعي لبيان مدى سلامة قواه العقلية والنفسية وعرضه على الخبير المختص وكتابة تقرير مفصل عن حالته حيث أن المرض النفسي من الأمراض التي يستعصي علي القاضي كشفها فهو غير متخصص وليس أهلا لذلك وأن الأقوال والاعترافات  لا تعدو أن تكون مقياس لاتزان المتهم وعدم إصابته بأمراض نفسية أو خلل في عقله

– وقد طالبت المحكمة في نهاية حكمها المشرع بتعديل نص المادة 65 من قانون تنظيم مراكز الإصلاح والتأهيل المجتمعي المنظمة لتنفيذ عقوبة الإعدام لتجيز إذاعة تنفيذ أحكام الإعدام مصورة علي الهواء ويعتبر هذا ليس من عمل القاضي فوظيفة القاضي الفصل في الخصومات بين الناس طبقا للقانون و بحيادية ويستلزم أن يكون القاضي بمنأى عن كل تأثير أو تدخل يميل ميزان العدالة كما لا يجوز للقضاء التدخل في أعمال السلطة التشريعية أو التنفيذية وهو ما فعله القاضي بأن أقترح تعديل القانون ووضع نفسه موضع المشرع والحاكم في نفس الوقت

على الرغم انه يعد رأي وتقدير شخصي ، فهو يفتح الباب للنقد والاختلاف الشديد ،

ويتضح لنا أن القاضي قد انحاز وراء عواطفه بداية من الخطبة الشهيرة التي وبخ فيها المتهم وذلك قبل جلسة النطق بالحكم وأيضا طلبه تعديل القانون وإذاعة الإعدام علنية وعلي الملأ حيث يعتبر بذلك قد افصح عن رأيه الشخصي أثناء المحاكمة وهو ما يمثل مخالفة صريحة للقانون ولم يلتفت القاضي لما قد يحدثه إذاعة مشهد الإعدام من إيذاء وتحفظ لدي المواطنين الذين قد يرفضون رؤية مثل هذا المشهد ولا لحجم الإيلام النفسي الذي سيسببه ذلك لأهل المتهم وذويه

– ومن ناحية أخري ورغم ما سببته الجريمة من أذي ورعب لدى أفراد المجتمع ورغم وضوح الجريمة وتصويرها في أكثر من مقطع فيديو منتشر مما لا يدع مجال للشك في حدوثها واستحقاق المتهم لأقصي عقوبة فإن حكم الإعدام يعتبر مخالف لمبادئ حقوق الإنسان حيث يشير الإعلان العالمي لمبادئ حقوق الإنسان في مادته الثالثة على أن ” لكل فرد الحق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه ”

كما تنص المادة الخامسة من الإعلان ذاته علي أن “لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة ”

حيث تعتبر عقوبة الإعدام هي أشد العقوبات إيلاما فهي تسلب الحق في الحياة وتنفيذها لا رجعة فيه فهي تتعدي علي أبسط حقوق الإنسان وهي حقه في الحياة

وكثيرا من الحالات في مصر تمت تبرئتهم بعد تنفيذ حكم الإعدام عليهم وأيضا أحكام الإعدام الجماعية التي تصدرها المحاكم المصرية ومنها الحكم في القضية رقم 1824 كلي شمال المنيا والصادر فيها حكم بتاريخ 24مارس 2014 بإحالة أوراق 528 متهما إلى المفتي وإصدار حكم الإعدام بشأنهم

فالإعدام لا يحقق الردع المجتمعي كما يظن البعض بدليل أن عدد الجرائم في الدول التي تطبق عقوبة الإعدام لم يقل بينما عدد الجرائم في الدول التي لا تطبق عقوبة الإعدام لم يزداد وبذلك فإن تنفيذ عقوبة الإعدام لم تسهم في توعية المواطن حول خطورة الجريمة ولم تقلل منها ولم تمنع تكرار حدوث جرائم القتل

فعقوبة الإعدام ليست وسيلة ناجحة لمكافحة الإجرام وإن إزهاق الروح البشرية الناجم عن هذه العقوبة هو فعل لا يمكن تداركه ويمكن استبدال الإعدام بعقوبة اخرى عقوبة سلب الحرية مدى الحياة

وهناك اتجاه عالمي متزايد نحو إلغاء عقوبات الإعدام وتطبيقا لهذا فقد ألغت كثيرا من الدول عقوبة الإعدام ولاتزال بعض الدول تصر على تطبيقها ومنها مصر

وسوم: