عن قرار البرلمان الأوروبي بشأن حالة حقوق الانسان في مصر

في 23 نوفمبر الماضي عقد البرلمان الأوروربي مناقشة عامة حول حالة ووضع حقوق الانسان في مصر ،وجاء ذلك بعد عدة ايام من انتهاء مؤتمر المناخ COP27 الذي استضافته مصر ، والذي شهدت خلاله انتقادات واسعة حول الملف الحقوقي المصري ،وكيفية ادارته ، طريقة التعامل معه .

وجاء قرار البرلمان الاوروربي الذي انتهي في ختامه إلي عدة توصيات منها ما هو خاص بدعوة الاتحاد الاوروبي لاجراء مراجعة عميقة وشاملة لعلاقات الاتحاد مع مصر في ضوء ما أسماه التقدم المحدود للغاية في سجل مصر في مجال حقوق الانسانوتوصيات اخري للسلطات المصرية والبرلمان المصري خاصة بتعديل بعض القوانين الخاصة بشان العنف ضد المرأة ،والغاء قوانين الارهاب والتظاهر،وقانون مكافحة جرائم الانترنت ،ووقف الاعتقالات والمحاكمات المتعلقة بالعلاقات الجنسية الرضائية ،ووقف استهداف النشطاء والمدافعين عن حقوق الانسان والافراج الفوري عنهم ،وكذا دعوته الي اغلاق ملف القضية رقم 173 /2011 والمعروفة بقضية التمويل الأجنبي،ووقف التمييز وضمان المساواة الفعلية بين جميع المصريين أمام القانون ذلك علي النحو المنصوص عليه فى الدستور المصري ، وحث الحكومة المصرية علي احترام المعايير الدولية الأساسية بشان حرية تكوين الجمعيات ،ودعوته الي الغاء العمل بقانون الجمعيات الأهلية رقم 149 لسنة 2019 و الذي وصفه البرلمان الأوروبي – بالقانون القمعي – وذلك بعد ان انتقد واستنكر البرلمان الاوروبي لحالة ووضع حقوق الانسان فى مصر إبان واثناء وبعد انعقاد مؤتمر المناخ COP27 فى مدينة شرم الشيخ بمصر .

حيث سبق تلك التوصيات استعراض البرلمان الاوروربي لحالة حقوق الانسان فى مصر استعراضا شاملا بتسليط الضوء علي قضية الناشط والمدافع عن حقوق الانسان علاء عبد الفتاح واضرابه عن الطعام ، الذي كاد أن يودي بحياته وطالب بالافراج الفوري عنه ، والسماح له بالمغادرة فورا الي المملكة المتحدة كما أشار البيان الي دعوة المستشار الألماني أولاف شولتز ، والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الي اطلاق سراحه ، وحث السلطات المصرية الي الافراج الفوري عن المدون محمد أكسجين والافراج عن المحامين الحقوقيين محمد الباقر وابراهيم متولي وهدي عبد المنعم الحائزين علي جائزة حقوق الانسان لعام 2020 من مجلس المحامين والجمعيات القانونية الاوروبية ، كما طالب بالافراج الفوري عن عدد كبير من النساء والرجال وهم جميعا من النشطاء والمدافعين عن حقوق الانسان وصحفيون ونشطاء سلميون وسياسيون وصانعات محتوي علي وسائل التواصل الاجتماعي كـ حنين حسام ، ومودة الأدهم ،ورجال أعمال رفضوا بيع أصولهم للجيش كـ رجل الأعمال صفوان ثابت ، كما طالب برفع حظر السفر المفروض علي كلا من الناشط في حقوق الاقليات القبطية باتريك جورج والمحامية والمدافعة عن حقوق الانسان ماهينور المصري .

كما تضمن البيان أيضا ادانته الشديدة للاحتجاز التعسفي والحبس الاحتياطي المتجدد لعشرات الألأف من سجناء الرأي ف مصر في ظروف احتجاز غير انسانية ، كما أدان أيضا الأوضاع المفزعة فى سجني وادي النطرون وبدر .

كما أشار البيان الي محدودية عدد اطلاق سراح السجناء السياسيين فى مصر بالمقارنة الي عدد ما تم القبض عليه عقب الافراج ، حيث اشار الي انه وفقا للمفرج عنهم من قبل لجنة العفو الرئاسية فى ابريل 2022 يقدر بنحو 800 الي 1000 سجين ممن كانوا رهن الحبس الاحتياطي علي ذمة قضايا فيما يقدر بنحو ما لايقل عن 1953 مصريا أخرين قد تعرضوا للاحتجاز التعسفي والحبس الاحتياطي عقب الافراج عن تلك المجموعات الصغيرة السابقة ،وقد أحال البيان فى تقدير تلك الاعداد الي منظمات غير حكومية مصرية والي منظمة العفو الدولية ،بالاضافة شعور البرلمان الاوروبي بالأسف من افتقار مصر للحريات الأساسية حتي مع عقد مؤتمر المناخ في شرم الشيخ بمصر وعدم قدرة المؤتمر cop27 علي تحسين حالة حقوق الانسان فى مصر،وادانته بأشد العبارات الرقابة والمضايقات والترهيب التي مارستها السلطات المصرية بحق ممثلي المجتمع المدني في مصر بالتزامن مع انعقاد مؤتمر المناخ ،وتعطيل تسجيل المنظمات غير الحكومية المصرية المستقلة للمشاركة فى قمة المناخ ،وتعبيره عن أسفه لما قامت به السلطات المصرية من اختيار منظمات المجتمع المدني التي لا تعارضها ولا تنتقدها للمشاركة فى المؤتمر .

أهمية هذا البيان ومدلوله فى الوقت الراهن وهل يعتمد علي معلومات حقيقية من عدمه :

في الحقيقة أن بيان البرلمان الأوروبي هذا فيما يخص حالة ووضع حقوق الانسان فى مصر ، وهي ليست المرة الاولي بالمناسبة الذي ينتقد البرلمان الاوروربي فيها حالة حقوق الانسان فى مصر ففي ديسمبر من عام 2021 صوت البرلمان الاوروربي علي مشروع قرار ينتقد فيه اوضاع حقوق الانسان فى مصر ماهو الا نداءات متكررة من مؤسسات مجتمع مدني مستقلة فى مصر عبر ثماني سنوات سابقة تشتبك وتري وتسجل ما يحدث داخل المجتمع المصري من تغول السلطة المصرية الحالية علي الحقوق والحريات باستخدام الحبس الاحتياطي المطول للنيل من المعارضين والمدافعين عن حقوق الانسان من مواطنين سلميين ونشطاء ومحامين وصحفيين وسياسيين ومدونين قد تم الزج بهم فى قضايا وهمية تفتقر الي أدني معايير العدالة الانسانية فضلا عن العدالة القضائية فيما يخص المحاكمات والاحكام الصادرة بحقهم وان حدثت !

أيضا قد صادف البيان الحقيقة فيما اشار اليه من اغلاق المجال العام بالنسبة للمعارضين للنظام الحالي واحكام القبضة الامنية علي المخالفين للرأي حتي وان كانوا من المواطنيين السلميين الغير مسيسين ، ويشهد علي ذلك عشرات بل مئات القضايا التي تحقق بها نيابة أمن الدولة العليا مع مواطنيين علي خلفية التعبير السلمي عن الرأي ولو بمجرد كتابة منشور أو تغريدة علي مواقع التواصل الاجتماعي ، ورغم ان بيان البرلمان الاوروبي الذي نحن بصدد التعليق عليه قد طالب سهوا بضرورة الغاء قانون وحالة الطوارئ فى مصر اغفالا منه عن الغاءه فعلا منذ 25 اكتوبر من العام الماضي 2021 الا ان القبضة الأمنية والذراع الأمني رغم ذلك لم تخف ولم يختلف حال التعامل مع المواطنين أمنيا فيما يخص التعبير عن الرأي والذي يري رأس السلطة فى مصر انها سلطة مفوضة آلهيا من قبل رب العالمين ودائما ما يشير الي انه لا يجب الأخذ ولا السماع الا لرأيه هو وفقط دون أي أحد آخر ، ومن اطلاق المسميات من عام الشباب مرورا بعام المرأة وصولا الي الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان ولجنة العفو الرئاسية لم يتغير أي شئ واقعيا ولم تعني تلك المسميات للحالة السياسية والحقوقية المصرية أي شئ ، ولكنها كانت كل شئ بالنسبة للنظام الحالي ،فما هي الا الأداة الوحيدة لتجميل صورته أمام المجتمع الدولي وفقط دون أي اعتبارات داخلية أخرى .

رد فعل الدولة واجهزة الاعلام والمؤسسات الحكومية علي البيان

أثار بيان البرلمان الاوروبي عن حالة حقوق الانسان فى مصر انتقادات واسعة داخل الدولة المصرية

حيث بعد صدور هذا البيان أعرب مجلس النواب المصري في بيان صحفي عن رفضه واستياءه الكامل عما ورد في بيان البرلمان الاوروربي بشان حالة ووضع حقوق الانسان فى مصر ،حيث عبر مجلس النواب المصري عنه قائلا أنه جاء مخيبا للامال ،ودليل علي النهج الاستعلائي والوصائي للبرلمان الاورروبي تجاه مصر ، معتبره تدخلا صارخا فى الشئون الداخلية للبلاد بالمخالفة لمواثيق الأمم المتحدة ، كما رفض مجلس النواب ونفي ما جاء بالبيان الاوروربي عن حالة ووضع المدافع عن حقوق الانسان علاء عبدالفتاح من انه معتقل بشكل تعسفي وانه قد تمت محاكته وفقا لمحاكمة قضائية عادلة كفلت له فيها حق الدفاع عن نفسه وغيرها من ضمانات التقاضي ،فضلا عن السماح له بلقاء عائلته وذويه بصورة منتظمة .

كما اشار مجلس النواب في بيانه الي رفضه الي ماوصفه المساس باستقلال النيابة العامة والقضاء المصري ورفضه لما جاء ببيان البرلمان الاوروربي فيما يخص تنفيذ مصر عقوبة الاعدام بحق الاطفال مؤكدا أن القانون المصري بموجب قانون الطفل يحظر حظرا مطلقا توقيع عقوبات الاعدام والسجن المؤبد والسجن المشدد علي الاطفال .

كما عبر عدد من أعضاء مجلس النواب المصري علي صفحاتهم الشخصية علي مواقع التواصل الاجتماعي عن رفضهم وانتقادهم لبيان البرلمان الاوروربي واصفين اياه أيضا بالتدخل في الشئون الداخلية المصرية ، وازدواج المعايير وتناقض المواقف الدولية تجاه الحقوق والحريات فى العالم ،وذلك كما جاء بتدوينة النائب ضياء داوود علي صفحتة الشخصية علي موقع فيبسوك ، وهو شبه ما جاء علي لسان نقيب الصحفيين المصريين ضياء رشوان الذي وصف البيان بتضمنه الكثير من المغالطات ،وان البرلمان الاوروربي لا يعدو كونه الا منبر للكلام والحديث وتبادل الاراء واعلان المواقف .

فيما اعتبره نواب تنسيقية شباب الاحزاب والسياسيين بمجلسي النواب والشيوخ انه بمثابة تدخل غير مقبول في الشأن الداخلي المصري يزعزع العلاقات المتبادلة بين مصر والاتحاد الاوروبي .

كما أنه يحمل افتراءات وادعاءات منافية للحقيقة واساءة لا يمكن قبولها في حق الدولة ،وذلك بحسب ما جاء عن عضو لجنة حقوق الانسان والتصامن الاجتماعي بمجلس الشيوخ الدكتورة دينا هلالي .

وسوم: